ريهام فؤاد الحداد
خلال الأسبوع الماضى، وفى نوبات صراخ متواترة، متوترة، وجدّ مرهقة، مؤثرة، تعالت صيحات البلاد والوطن العربى والغربى والعالم.
تفاوتت وتنوعت المشاكل بين ما هو اجتماعى وسياسى
وثقافى وكارثى، فى النهاية اندرجت جميع الأحداث تحت مسمى المزعجات
والمؤرقات ومسببات الأرق وذهاب الراحة وطيران النوم.
تواكب مع هذا التوتر موت وفقد أعزاء بشكل لافت، وكأن الدنيا قد أعلنت الغضب وعدم السماح بأى فرصة لالتقاط الأنفاس، أو إراحة الإحساس.
ترتفع درجات الحرارة، وتتداعى أسباب الانزعاج
والانبعاج، ازدحام، أرق، غضب، وينفجر العالم داخل الرؤوس، وتصبح النفس
كبالون ثقبَه دبوس، تماماً كالأوزون وثُقبه المجنون، الذى أحال الربيع
أربعة فصول متزامنة!!!
تأتى أحوال النقابة والصحفيين وسجال دائر بين
رافض ومؤيد لفعلٍ وصفه كلٌّ كما أراد واقتنع، لتتحول المسألة إلى نضال
ودفاع وسجال دائر، يحمى وطيسه يومياً بجملة أو جملتين، تؤجج الموقف وتلهب
الأحداث، لتملأ وسائل التواصل الاجتماعى بعبارات ومشاعر تمنع أى تواصل وأى
اجتماع من أى نوع.
دولار يرتفع سعره، ليتساوى مفعول المائة جنيه مع
العشرة قروش!!! فى وقت امتحانات ودروس واستعداد لرمضان من قبَل شعب
بالولائم والاحتفال مهووس، واستعداد لصيف يحتاج لكثير من الفلوس، ليرتفع
ضغط المواطن المطحون المكبوس!!
للتوِّ أنهينا وما انتهينا من حسم خلاف واختلاف حول الصنافير والتيران، واللتين وقف الشعب فى أمرهما حيران، أهم لنا أم للجيران!!
وأثناء صراخ العالم كله داخل طبلة أذنك فى إصرار
رهيب على اغتيال ما بقى من روحك، يأتى عمرو دياب، رفيق الأيام والدروب
وصديق الأحداث والخطوب، القريب لأجيال متتالية، يأتى بألبومه ليفرغ على
قلوبنا جرعة ماء بارد يُطفئ حر الصيف (المتنكر فى ثوب ربيع).
عمرو دياب، وألبومه الجديد قرصاً مدمجاً كان أو
شريط كاست (فى سنوات ماضية) له فى القلب والوجدان منزلة مختلفة، واحتفال
خاص، طقس سنوى، ذو تفاصيل خاصة، تبدأ بالانتظار، وتنتهى بروعة الاستماع،
أنت تذهب للحصول على إنتاجه الأخير وكأنك على موعد معه هو شخصياً، كأنه
واجب عليك تأديته، أمر من المسلّمات ومن الأمور المحببات، وكيف لا وقد
سُجلت على أحبال صوته ذكرياتنا ويوميات قلوبنا.
عمرو دياب له وضع خاص ومذاق منفرد، هو تلك
المساحة من الراحة وإراحة التفكير والوجدان، هو البساطة والتلقائية فى
المحبة، دون تعقيد أو فزلكة أو حتى عمق يحبسك فى غياهب الفلسفة والتفكير،
أو يعصف بك برياح شجن مذيبة من شدة الحزن والتأثر، هو ذاك الصديق الطيب
الذى يتحدث بلغة المتوسطين، هو لا يعانى من الثقافة المفرطة، ولا يرهقك
بتتبع أخباره الخاصة وانحرافاته المزاجية كفنانين كثر، هو المنعزل تماماً
عن البشر والإعلام، هو رفيق أذنك وجهاز السى دى، لديه منحة إلهية من القبول
وحسن التصرف، توفيق من الله، وعندما تُرزق التوفيق وحب الناس، لم يعد شىء
بعدها يهم.
عمرو دياب، شكراً لأنك بأيامنا، وشكراً لأنك هنا
دائماً، شكراً على البهجة والحب وإخراجنا من منغصات الأيام. ولتعلم، أنت
لست مجرد مطرب أو مغنٍّ أو فنان، أنت ذاكرتنا يا عمرو، أنت قلوبنا التى
عشقت، وعيوننا التى أدمعها الغرام وأرواحنا التى أرقصتها ألحان وكلمات
جمعتها أنت بصوتك وبأدائك، شكراً يا وزير السعادة، نفخر بك يا أجمل فنانى
العالم، استمر فى هذه الجرعات من السعادة والانسجام، وليعلو صوت الأنغام
فوق صوت مؤثرات الحياة المزعجة، وشكراً أنك ظهرت بإصدارك الجديد هذه
الأيام.
مضدر الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق