أن تظل بعيدًا عن الناس ومحتفظًا ببريق بعض أعمالك السابقة أفضل مليون مرة من أن تتواجد بعمل لا يضيف لك وإلى رصيدك الفنى شيئًا، وأتصور أنه لولا الأزمة التى حدثت بين روتانا وعمرو بسبب العقد المبرم بينهما وأحقية كل منهما فى فسخ العقد، ما كانت تلك الضجة التى صاحبت ألبوم «أحلى وأحلى» والكل أجمع أن هدوء الأزمة أدى إلى حالة ركود للألبوم عكس الأيام الأولى لطرحه، وربما هناك أسباب أدت إلى هذا المستوى الذى ظهر عليه الألبوم، فالعمل يدور فى فلك 90٪ من الألبومات التى قدمها خلال السنوات العشر الأخيرة بعيدًا عما يتم تصديره لنا بأن الألبوم يتم تداوله فى إسبانيا والبرتغال وباقى أنحاء أوروبا كما يقول بعض المحيطين بعمرو، ولهم نقول إن عالمية الفنان ليست فى موسيقى مستوردة من الخارج، لأن العالمية التى تتحقق تخرج من قلب الوجدان الموسيقى المصرى، لذلك لا تندهش من أن تجد عازف ربابة أو مزمار أو منشدًا أسطواناته تباع فى أوروبا، وله مريدون يحتفون به كلما ذهب إليهم.
من الأسباب التى تجعل عمرو دياب يدور داخل دائرة واحدة عملية الاختيار، فهو حريص منذ فترة أن يعتمد فى اختياراته على «الدائرة الصغيرة» المحيطة به، لذلك تجد أعماله منذ سنوات تحمل وجهة نظر تبدو واحدة ولا تقدم أى جديد، لا تغير فى الفكر على مستوى الكلمة أو اللحن، عمرو قرر أن يواصل الاستعانة ببعض الأسماء الشابة فى صناعة ألبوماته الأخيرة ولم يحتفظ إلا بالقليل فمن عملوا معه فى الماضى وهم أيضًا يعتمدون على اسمه أكثر من اعتماده هو عليهم لتقديم الجديد مثل عمرو طنطاوى الباقى الوحيد أو الناجى الوحيد من شلة عمرو القديمة موسيقيًا، والاستعانة بالشباب لا يعنى على الإطلاق أن يأتى بجديد خاصة أن شباب هذا الجيل دائمًا ما يأخذون ممن سبقوهم.
الألبوم الجديد الذى أطلقه عمرو منذ أسبوعين فى الأسواق لم يكن مقنعًا لبعض من استمعوا إليه على مستوى الكلمة واللحن، فالكلمات تدور فى معظمها فى دائرة مفردات مستهلكة سواء الأغانى وكذلك الألحان بالدرجة التى تجعلك لا يمكنك أن تفرق بين عمرو الآن وعمرو منذ عشر سنوات.
وبالتالى لا تجد هناك جديدًا فما الذى أتى به تامر حسين فى أغنية «رسمها» كلها مفردات تتكرر منذ أن كان عزت الجندى وعادل عمرهما شعراء المرحلة فى تسعينيات القرن الماضى ولحن عمرو طنطاوى لهذه الأغنية واضح أنه متأثر بألحان من نفس الحقبة الزمنية، نفس الأمر لباقى الأغانى «أحلى وأحلى» كلمات تامر حسين وألحان عمرو طنطاوى، «معاك قلبى» كلمات تامر حسين وألحان محمد النادى وتوزيع أسامة هندى، «راجع» كلمات تامر حسين وألحان إسلام زكى وتوزيع أسامة هنرى، «على حبك» كلمات أسامة مصطفى وألحان سامح كريم، «لا لا» كلمات تامر حسين وألحان عمرو دياب وعمرو طنطاوى، وتوزيع أسامة هندى، «عكس بعض» كلمات تامر حسين وألحان إسلام زكى وتوزيع عادل حقى، «حبيبتى» كلمات تامر حسن وألحان طارق نديم وتوزيع أسامة هندى، «عمرنا ما هنرجع» كلمات تامر حسين وألحان مدين، «أنا وانت» كلمات أحمد على موسى وألحان أحمد البرازيلى، «أمنتك» كلمات تامر حسين وألحان محمد النادى ورغم أن هذه الأغنية كانت الأكثر انتشارًا بين أغانى الألبوم لأن اللحن شرقى لكن أداء عمرو لم يكن موفقاً.
أزمة عمرو فى الاختيار ستظل تلازمه طالما أنه يخاطب فئة معينة فى كل شىء بداية من اللوك الذى يظهر به وصولًا إلى الأغانى التى تقدم، عمرو وصل إلى مرحلة فنية وسنية تحتم عليه أن تكون كلمات أغانيه تحمل أفكارًا غير مستهلكة ومفردات بها عمق، وتحتم عليه أن يقدم شكلاً موسيقيًا يجمع فيه بين إيقاع العصر وروحه وبين شرقيتنا والقالب العالمى، فما المانع أن يقدم أعمالاً موزعة أوركستراليًا خاصة أن هناك حوارًا دار بينى وبين المايسترو العالمى نادر عباسى عن عمرو دياب، وكان رده مدهش فى أن عمرو يمكنه أن يقدم أعمالاً مع «الأوركسترا الفلهارمونى» كما فعل جورج مايكل الذى اشتهر بتقديم «البوب ميوزك»، وهنا تشبيه نادر لعمرو بجورج مايكل بالتأكيد له دلالات فى إمكانية أن يخرج عمرو من هذا الجلباب الذى يرتديه منذ سنوات، وهناك أسماء يمكنها كتابة موسيقى أعمال عمرو وتضعها فى هذا القالب إن أراد.
أزمة عمرو دياب تلاحق أسماء كثيرة فى الوسط الغنائى لم يعد لديها القدرة على التغيير أو لديها خوف من المغامرة رغم أن الفن دائمًا ما يقوم على المغامرة والبحث عن الجديد، فالأفضل أن تأتى للناس بالجديد حتى لو قوبل بالرفض عن أن تأتى وأنت لا تحمل أى جديد، ما أسهل أن تصنع أغنية يغنيها الشارع، لكن هذا لا يعنى بالضرورة أن العمل جيد، بدليل أن المهرجانات هى أكثر الأغانى شيوعًا الآن رغم أنها عار على الأغنية المصرية، لكنها للأسف تجد دعمًا من المحطات الإذاعية والوكالات الإعلانية وأصبحت مفروضة علينا.
مصدر خاص الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق